"استراتيجيتنا أم استراتيجية الله "
في ردّه على ردّنا في مسألة الأعداد ، اتهمَنا المعترض باتباع استراتيجية اتهامه بالكذب من أجل صدّ الناس عنه.
أقول: إننا قد قلنا في الحلقة الأولى أنها مشيئة الله، أن يُظهر للعالم كذبه ومكره وتدليسه. فهي إذن، استراتيجية الله تعالى مع أعدائه وأعداء أنبيائه بما تبيّنه الآيات التالية:
{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (183)} (الأَعراف 183)
{قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (27)} (النحل 27)
{فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (45) } (القلم 45)
{ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (31)} (الأَنْفال 31)
{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (55)} (آل عمران 55)
{وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ (11)} (فاطر 11)
{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (43) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (44)} (فاطر 43-44)
ما أعظمها من آيات، وما أعظم انطباقها عليه وعلى أمثاله من الكافرين؛ ولكن أنّى لمرتدّ مثله أن يفقه حديثا وقد طبع الله على قلبه؛ أو أن يعتبر من هذه الآيات وقد بدا الكفر والإلحاد في تراسيم وجهه الشاحب.
يتذرع بالسّهو وعدم الانتباه، بل هو التهوّر الفاضح في البحث والتّحري وإلقاء الكلام على عواهنه في عظائم الأمور من الإيمان بالله وأنبيائه. فالتهوّر وعدم التزام الدّقة والتّحري والتّروي والأناة والتؤدة في الحكم على هذه المسائل، مع وجود الإصرار المسبق على إظهار الأمور بصورة معينة اختمرت في ذهن المعترض لهو الكذب والدجل بعينه؛ لأن المعترض في عدم اكتراثه أن على كتفه تقع مسؤولية البحث الدقيق، وبإصراره على عرض الأمور كما قررها مسبقا في مخيلته يكون قد أصرّ بذلك- لا شعوريا- على الكذب المتعمّد؛ وهذه في الحقيقة استدراج الله تعالى له، ليُظهر للعالم كذبه ودجله، وليهينه أمام الجميع تحقيقا لنبوؤة سيدنا أحمد عليه السلام " إني مهين من أراد إهانتك".
كيف يمكن التذرع بالسهو، وكتاب البلاغ الذي ردّ فيه سيدنا أحمد عليه السلام على اعتراض المشايخ، لم تُذكر فيه قضية الضريبة البتة. فهذا إن دلّ على شيء إنما يدل على أن المعترض شديد التهور في القراءة والبحث ولا يُعوّل على أمثاله.