قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ..!! في دحض الاعتراضات على الحلقة السابعة من ردّنا حول موضوع الأعداد ..(2)
الاعتراض:
لماذا تقبلون بيعة 100 ألف بوسني من دون أن يعرفوا شيئا عن الجماعة؟ هل يمكن أن يقتنع 100 ألف فجأة بالجماعة؟ أم هي الاستعراضية الزائفة التي امتهنتموها؟ .... ثم لماذا تكررون أنّه إذا آمن رئيس قبيلة تبعته كل القبيلة!! فهذا فيه إشكال ضدكم، وهو أنكم تقبلون بالناس من غير أن يعلموا شيئا عن الجماعة، وهذا لا يليق، ولم يكن يرضى به الميرزا نفسه الذي كان يطالب الناس بالتمهّل ومعرفة الأدلة قبل البيعة. ثانيا: أستبعد جدا صدقكم في ذلك، إلا أن تكون حالات نادرة لا تؤثر في الإحصاء، بل هي لعبة للتغطية على جريمة الكذب الرهيب. وإلا لذكرتم أمثلة بالمكان والزمان.
الردّ:
لقد أوضحنا في الحلقة نفسها، المبدأ الأسلاميّ في اعتبار المسلم مسلما ما دام يتلفظ بالإسلام، وعلى هذا المبدأ يُقاس في اعتبار الأحمدي أحمديا.
إن هذا الاعتراض بالنسبة لقبول الناس في الجماعة كالصرب والبوسنيين وكذلك الأفارقة، لمجرد اتباعهم أئمتهم ورؤسائهم دون أن يعرفوا شيئا عن الجماعة، إنما ينمّ عن جهل المعترض بالتعاليم القرآنية التي تحتّم قبول إيمان الفرد مهما كان، رغم أننا قد أشرنا في الحلقة نفسها إلى المبدأ الذي اتبعه النبي صلى الله عليه وسلم في قبول إسلام المرء لمجرد تلفظه بالإسلام، إلا أن هذا الاعتراض أعاد إلى ذاكرتي الحوار الذي جرى بين سيدنا نوح عليه السلام ومعارضيه في الآيات التالية:
{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (266) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (27) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (28) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (29) وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (30) وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (31) وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (32) قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (33) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (34) وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (35) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (36) وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (37) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (38) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (39) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (40) حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (41)} (هود 26-41)
كم أراها – هذه الآيات- تنطبق على حال هذا المعترض الذي وقف أمام نوح هذا العصر يجادله ويسخر منه ومما يقول. ولكن من أهم ما اعترض عليه معارضو سيدنا نوح عليه السلام، هو أن أتباعه هم أراذل القوم – أميون، لا يعرفون شيئا، لم يقرأوا كتابا ، وحتى إنهم لم يقرأوا الإعلانات- فما كان جواب سيدنا نوح عليه السلام إلا أن قال: وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ... وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ .... وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ .
أما هذا المعترض الذي بلغ منه الكفر والإلحاد مبلغا، فيريدنا أن نقول للأفارقة الأميين والبسطاء: إذهبوا، لن نقبل بيعاتكم، فأنتم جهلة أميون تتبعون رؤساءكم ولا تفهمون شيئا، اقرأوا كتب سيدنا أحمد عليه السلام أولا، ولا تنسوا الإعلانات؛ بعدها نقبل بيعاتكم. وأما أنتم يا أيها الصرب والبوسنيون، فأنتم تريدون الجماعة للمنفعة، وفقط بسبب ظروفكم حيث شرّدتكم الحروب، فلن تجدوا ملجأ لدينا، ولن نقبل بيعاتكم إلا بعد أن تدرسوا كتب الجماعة.
بالله عليكم ألا ينطبق حال هذا المعترض على حال الكافرين من قوم سيدنا نوح عليه السلام حذو النعل بالنعل!؟ ألا ينمّ اعتراضه هذا على أن الله لبغضه له، نزع منه كل ما يفقه من أمور الدين والإيمان البسيطة!؟
فالله سبحانه وتعالى إذا أحب عبدا فقهه بالدين؛ والعكس صحيح! إذا أنزل عليه غضبه وأراد ذلته ومهانته نزع من قلبه العلم والإيمان والفقه بأبسط الأمور الدينية والأيمانية، وهذه بالضبط حال هذا المعترض الذي وقف وقفة إبليس أمام آدم ونوح هذا العصر، فتفكروا يا أولي الألباب!
ألم يسمع هذا المعترض بأن الناس على دين ملوكهم!؟ فهذه حال الدول الإفريقية حيث الأمية والفقر تضرب أطنابها في الشرق والغرب، فكيف يمكن صدّ الناس الذين يتلفظون بالأحمدية اتباعا لأئمتهم وكيف يمكن رفض بيعاتهم!؟ ومنذ متى أصبح العلم شرطا من شروط الأيمان!؟ كم من أميّ أو بسيط لا يعرف عن الأسلام شيئا، يعدّ مسلما اليوم!؟ وكم من الأميين والبسطاء كانوا مسلمين على مرّ العصور!؟
لا يتنبه المعترض، أن في اعتراضه هذا ينزع عن كل الأميين المسلمين وعن كل المسلمين البسطاء الذين ليس بمقدورهم البحث والتحري، رغم معرفتهم القراءة والكتابة، ينزع منهم الإيمان والإسلام، فبالله عليكم أهذا كائن يجب أن يعتدّ به وبما يقول!؟
إن وظيفة الجماعة تبليغ الناس قدر المستطيع، وتعريف الناس بالجماعة بشكل أولي، وبعدها لا يمكننا رفض أي شخص يريد الإلتحاق بالجماعة، ولا يمكن أن نضع له شروطا وعراقيل في هذا السبيل.فكل الأفارق والصرب والبوسنيين الذين انضموا إلى الجماعة، لا يمكن رفضهم لأننا لا نستطيع أن نشق على قلوبهم، ولا يسعنا أن نقول لهم إلا ما قاله سيدنا نوح عليه السلام: وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ... وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ .... وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ .
فالله أعلم بما في نفوس هؤلاء المبايعين والمتلفظين بالأحمدية، وهم إلى ربهم راجعون، هو مولاهم وهو الذي يحاسبهم، ولم نخوّل نحن لمحاسبتهم. فإن قبول بيعاتهم وعدّهم من أبناء الجماعة ليس استغلالا لظروفهم وليس نوعا من الاستعراضية كما يدعيه المعارض، الذي غلب عليه حقده وأعمى بصره وبصيرته، بل إن قبول هؤلاء الناس واجب دينيّ يقره القرآن الكريم والدين الإسلاميّ الحنيف الذي انتُزع من قلب هذا المعترض لإنكاره مبعوث السماء وانطبقت عليه الآية التالية: { وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (116)} (النساء 116) والآية: { قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (18) } (عبس 18).
أما ما قاله عن سيدنا أحمد عليه السلام، إنه لم يكن يرضى ببيعات الناس إلا بعد سماعهم الأدلة؛ فلا يخالف ما نقوم به في تعريف الناس بشكل أوَّليّ بمبادئ الجماعة وأدلة صدقها. كما أن هذا الطلب مقصود به من يستطيع القيام به، ومقصود به أن يقوم به كل شخص وفق مقدرته ومستواه، إلا أنه لا يعني وجوب رفض كل الناس ورفض انتمائهم للجماعة قبل أن يقرأوا ويبحثوا، فالبسطاء يكفيهم سماع درس واحد من الوعظ ممن يثقون به، ولا يمكن أن نطالبهم بأكثر من ذلك لقبول انتمائهم للجماعة، ولا إشكال في ذلك مع ما كان يقوله سيدنا أحمد عليه السلام بوجوب التريث في البيعة.